الجمعة، 19 سبتمبر 2014

قراءه أولية لقصيدة هدايا لباعةِ الكعك للشاعر المبدع الدكتور محمد أحمد الأسطل بقلمي ناظم ناصر


قراءه أولية لقصيدة هدايا لباعةِ الكعك للشاعر المبدع الدكتور محمد أحمد الأسطل
بقلمي ناظم ناصر
19\9\2014
هنا غزة حيث يتساوى خط الحياة مع خط الموت والبطولة تتمترس خلف الشهادة
هنا غزة مستقر ومقام طائر العنقاء الذي ينهض كل يوم من تحت الدمار والخراب
هنا غزة حيث لا طفولة لان الكل يولدون رجال
هنا غزة حيث الكل يقاوم الهواء والماء الأشجار والزهور الفراشات الضوء والظل واسم غزة أصبح عنوان للبطولة والفداء غزة الاسم الأكثر رعبا في قلوب الأعداء فهم يخافونه أكثر من الموت هنا غزة حيث الابداع يولد مع الحياة فيولي الموت هاربا متواريا خلف أعمدة الدخان
وهنا ولد الدكتور محمد أحمد الأسطل مع الابداع في هذه المدينة البطلة فكان قدره أن يتوضاء بالبطولة والجمال و الابداع ليقيم في محراب الشعر صلاة الحياة
فتره يتحول الى غيمة يمر على الزهور والأشجار والحقول فيمنحها بهاء الجمال وتراه مرة لمسة حنان يمر على رفح على جنين على غزة على الجليل و على زهرة المدائن القدس فيمنحها بهاء روحه ودموعا لا تنسكب من العيون لكنها تنهمر في القلب
و الابداع والجمال عند الشاعر محمد تجده صافيا نقيا مكرر لا تشوبه شائبة ,فاذا كان النظر و التمتع بالجمال والذوق لدى المتلقي نسبيا فن الابداع عند الشاعر يفرض نفسه بأصالة وجدارة لا مثيل لها فيتجاوز النسبية في التذوق والفهم لطبيعة الشعر فتجد نفسك كم متلقي مع شعره حرا طليقا متحدا مع الطبيعة بمواجهة الجمال مباشرة لا تقيدك قيود ولا هموم تاركا كل ذلك ورائك .
و اذا جاز لنا التوصيف فان الكلمات تورق بخيرها والصور ببركتها لتكون القصيدة تتخللها أنغام سماوية كالترانيم فتدخل القلب مباشرة بينما العقل يتغذى على معانيها الجميلة فتنشرح الروح لكل ما توحيه القصيدة ولذا قد تجد نفسك تسير في الهواء خفيفا نشوان طربا لما مر بك من جمال
فالشاعر الدكتور محمد يصنع اسطورته بنفسه فيصل الى لغة هي الجمال بذاته فهو بمهنته كطبيب يشخص العلل ويصف الدواء وبهوايته كرسام يرسم اللوحات مارا بجمال الكلمات وبصفته كشاعر يضع لغته في خدمة أفكاره فتنصهر في بوتقة الابداع فيخل ق منها حلم هدفه جعل القصيدة كيان قائم بذاته وغير قابل للزوال متجاوزا الموت الى عالم الخلود فترى اللغة في القصيدة والقصيدة في اللغة لوحة رسمت حسب مقاييس الجمال الاصيل
واللغة عند الشاعر تتجاوز الواقعية بسهولة رغم التزامها رغم التزامها بالشرط الأساسي للواقع الى عالم الحلم والخيال متجاوزه كل الحجب التي تقف بوجهها لتخلق واقعا جديد يتلائم مع الأفكار والزمان والمكان و بجمالية متناهية الدقة راسمة المستقبل على انه واقع حالي دون أن ينسى روح العصر ولذا اذا قرأت القصيدة في المستقبل فلا يستطيع القارئ أن يقول في ذلك الوقت أن يوصفها بالماضي
و القصيدة التي سنتناولها في هذا المقال كمتذوقين للشعر و هي من روائع الشاعر الكبير الأستاذ الدكتور محمد أحمد الأسطل قصيدة هدايا لباعةِ الكعك
السماء هذا ألون الأزرق الذي منحه الله لنا دائما تتجه عيوننا الى السماء تتجول في أرجائها بين لهفة الا مل و الرجاء وحين نبتهل بالدعاء وترتفع الأكف مع العيون الى السماء والقلوب غيوما بيضاء هي أيضا تجوب السماء فتتحول الى عيون تمطر لهفات القلوب تتأمل أن يهطل عليها البهاء بركات من السماء بينما أيام العمر وربيعه يمضي يفر من بين يدي الشاعر كالعناقيد فالأيام تذهب و لا تعود كأنها خطوات على الرمال تمحوها أمواج البحر فلا تبقى حتى الذكريات وتبقى العيون التي ترنو الى النجوم في السماء هناك حيث الأماني معلقة بين بلهفة السؤال لماذا القناطر قناطر الأمل تقترب لكن لن نصل اليها وهي لا تؤب لنمضي بعيدا في ذلك الاتجاه لعلنا نصلى الى الماني وقلوبنا غيوم توزع الليالي على الكروم لعل أملا يولد من جديد

سماءٌ تمطرُ فيها العُيون
تمطرُ دعاءَ الأكفِّ من ثلجِ الورود
تفرُّ حدائقُ العمرِ كالعَناقيدِ منِّي
ثَملةً سألتني الأماني تستلُّ الطُّرقاتِ من النُّجوم :
لماذا تقتربُ القناطر
ولا تؤوب
وفي القلبِ ليالٍ
توزِّعُ الغيمَ على الكروم ؟!
ويبقى الشاعر متأمل وهو يتمنى ليت قلبي أرجوحة نضوج يالها من أمنية شاعر والعمر أماني ويمضي بالتمني ليت أنصاف البروق لنا تبقى و لا تزول هل يطلب الشاعر المستحيل البرق هدية السماء لكن برق ويمضي أي سوناتا شهقت بها السماء بعيون ارتسمت بها تطلب الرجاء وأنصاف بروق قد تحيي أمل ضاع كالأمنيات التي تظهر مع البرق وتختفي لا هي تبقى ولا البروق فقط و سوناتا تبلل الماء تلسعه لأنها انهمرت مع المطر والأماني ها هو الشاعر يمشي تحت المطر الذي ينهمر من سماء عيونها تمطر أمنيات وآهات ولهفة وحنين تمتزج مع المطر وتبرق السماء فير نصف الطريق ليت تبقى لنا أنصاف البروق و سوناتا المطر تعزف بالحان سماوية لحنها الذي يبلل كل شيء الأشجار والطيور والزهر و الذكريات التي أصبحت عاصفة من دموع تعبث بأوراق الشجر وبالأبواب و الشبابيك و تسير مع الشاعر أين ما سار ولم تعد وساده يتك عليها الشاعر تلهب مشاعره لأنها أصبحت حجر يهوى في الجحيم

ليتَ قلبي أرجوحةُ نضوج
ليت أنصافَ البروقِ تبقى لنا ،
تبقى ولا تزول
أريد لهذه ال " سوناتا " أن تلسعَ الماء
أن تلسعهُ بنكهةِ الطِّين

عاصفةٌ تبكي كوسادةِ ذكرياتِ
تمزّقُ النّارَ
وتهوي على ظلِّ حجرٍ في الجحيم
ويخذنا الشاعر الى أعماق نفسه وهو يسير تحت المطر ها هي روحه عارية تنشطر الى نصفين فيبدأ حوار بينه وبينه يكاد يفقد نفسه فهو هنا وهو بالضفة المقابلة نفسه مقابل نفسه بينه وبين فضة الروح بالجمال التعبير وبينه وبين الزهرة الخضراء صراع داخلي كعاصفة الذكريات التي مرت والهبة كل شي تحت سوناتا المطر الذي يلسع الماء بنكهة الطين مع من يكون الشاعر مع نفسه بلا ذكريات ام مع ذكرياته ها هي حبيبية حيث التقاها أول مرة مثالا للجمال والرقة والعذوبة تحاكي الطبيعة بجمالها وهاهو نسيم الحب يهب عليه فينعش قلبه الذي يشعر بالرضا ويمشى الشاعر تحت مطر الذكريات لكن الصور تبهت وندائه يصبح مجرد صدى يختفي رويدا رويدا ولا يبقى معاه سوى ظله ورغبة كانت أمنيه توارت هنا كخلف ذلك الأفق البعيد مثل القناطر التي تقترب ولا تصل ولا تتوارى
ابتعدت المسافةُ بيني وبيني
بيني وبين فضَّةِ الرُّوح
بيني وبين الزَّهرةِ الخضراء

دَخَلْنا أغاني الجسد من الأرائك
دَخَلْناها شجرةً شجرة
شهقةً شهقة
أيّ صدًى باهتٍ هذا ؟!
أيّ رغبةٍ والظِّلُّ يتبعُني ؟!
وينتبه الشاعر من غفوت الذكريات ويقرر مع نفسه سيبدأ من جديد سيطرد طير الذكريات من مطر القصيدة وسيجعل روحه جمرة من الابداع ويجعل هذا لابداع كريح دهشة فاكهة ليل و أشجار تنتظر رماد الغيم لتسقى والرعد لتنمو و تثمر ما يشاء لهى الشاعر أن تثمر لكن من يتجراء على كل هذا تحت سماء الحنين الذي يغمر الشاعر والذي هو فاكهة الليل التي يتغذى عليها عقله وقلبه الذي لازال ينبض بحبها و هو يتبع خطى الذكريات تحت السماء التي هي عيون تمطر
سأطردُ الطَّيرَ من مطرِ القصيدة
سأزرعُ جمرةَ الرُّوح
سأزرَعُها لتنهبَ الأرضُ حصتَها من الينبوع

تلكَ الرِّيحُ دهشُ وحشتِنا
تلكَ فاكهةُ اللَّيلِ المُدلهمَة
من سيحملُ رمادَ الغيمِ والرَّعدَ إلينا ؟!
من سيجرؤُ تحتَ سقفِ الحنين ؟!

ويطلق الشاعر نداء من أعماق روحه يا سماء التي هي عيون تمطر بعدما ابتلت بادعاء من اكف حيث تساقط ثلج الورد يا سماء غطي جمر الروح بالبر او بانصاف البروق التي تمنيتها وكيف للبرق أن يغطي جمر الروح أي ابداع بهذا النداء أي يغطي الضوء بالضوء الأشد لمعانا واي ريح تجفل وجمرة الروح هي دهشة الحياة
يا سماءَ الرَّخّ :
غطّي جمرَةَ الرُّوح
غطِّها بالبرقِ حتى تجفلَ الرِّيح
وتتدفق الذكريات فتكون كهذي الأنوار من خلف زجاج النوافذ يشعرك بالدف وانه موجود معك رغم انك وحيد تحت المطر والذكريات عصافير بللها المطر

هذي نوافذُ من ظِلال
تغمرُنا بفروٍ أليف
وبشتاءٍ مبلِّلٍ بالعصافير
ويعود الشاعر الى نفسه فيشرح حالته بأروع ما مر بنا من صور فهو يتهجى كينونة نفسه ووجودها من خلال زهرة المرجان التي هي نفسه ذاتها وروحه التي بدأت كزبد البحر تأكله الطحالب رطبا في سرير السمندل اللزج فيقفز من حالة الهذيان ليشمس كلماته التي أصبحت رطبة وتارة يستغيث فلا يجد لسانه ليصرخ بندائه فتكون الروح هي نداء الاستغاثة
أتهجى أنتولوجيا زهرةِ المرجان
البحرُ زبدٌ تأكلهُ الطَّحالب
رطبًا في سريرِ السَّمندل
صرتُ أقفز
تارةً أشمِّسُ الكلماتِ
وتارةً أستغيثُ
فلا أجِد لساني !
لكن من هي حبيبة الشاعر والتي ارتفعت لها الأكف بالدعاء وكان السماء عيون تمطر لها وتساقط ثلج الورد من اجل عينيها وفرش الشاعر جمرة روحه اليها حنينا متمنيا ان يراها ولو للحظة كالحظة البرق او لنصف لحظة كما تمنى وفاضة مشاعره اليها ينبوع من الابداع حتى تحول من دونها الى زبد بحر تأكله الطحالب على سرير السمندل هل هي غزة التي هي هناك وهو هنا لكنها ليست هناك فهي في القلب دائما وابد
وهكذا سافرنا مع شاعر مجيد يمتلك من الموهبة ما يجعل الذهول يرافقنا في سفرنا مع كلماته والدهشة ترفرف بأجنحة الابداع لترينا الطريق الشاعر متمكن من أدواته ولغته وواقعيته فهو ينتقل بك من طبيب يشخص العلة ويجد لها الدواء الى رسام يرسم ابهى الصور بريشته الى شاعر يصوغ بكلماته أروع المشاعر وللدكتور الشاعر محمد خاصية فريدة تشعر بها من خلال القصيدة فهو يبدأ معك الطريق من ما قبل الكلمة الى الكلمة ثم الى ما بعد الكلمة فاتح لك فضاء واسع من الخيال لتنطلق أنت كمتلقي كي ترسم بفرشاة الخيال صورا لا حصر لها
و أريد هنا أن انوه الى أمر أرجو وان يتسع صدر الجميع اليه وهو ما اواكد عليه دائما واعتبره مبداء هو ان الشعر طريقة للحياة وليس فقط كلمات ومعاني وأحاسيس ويجب أن يعمل الشعر على تحول الانفعال لدى المتلقي و الجمهور في إزالة ضباب الاحباط لديهم وتحويله الى السعي نحو التغيير الى الأفضل ويجب ان لا يبقى الشعر حبيس بوتقة الشاعر نفسه بل يجب ان ينطلق الى عالم واسع ورحب حتى يلامس النفوس البسيطة ما أكد هذا النظرية هو الشاعر الدكتور محمد أحمد الأسطل فكان أنموذج لها
النص
هدايا لباعةِ الكعك
سماءٌ تمطرُ فيها العُيون
تمطرُ دعاءَ الأكفِّ من ثلجِ الورود
تفرُّ حدائقُ العمرِ كالعَناقيدِ منِّي
ثَملةً سألتني الأماني تستلُّ الطُّرقاتِ من النُّجوم :
لماذا تقتربُ القناطر
ولا تؤوب
وفي القلبِ ليالٍ
توزِّعُ الغيمَ على الكروم ؟!

ليتَ قلبي أرجوحةُ نضوج
ليت أنصافَ البروقِ تبقى لنا ،
تبقى ولا تزول
أريد لهذه ال " سوناتا " أن تلسعَ الماء
أن تلسعهُ بنكهةِ الطِّين

عاصفةٌ تبكي كوسادةِ ذكرياتِ
تمزّقُ النّارَ
وتهوي على ظلِّ حجرٍ في الجحيم

ابتعدت المسافةُ بيني وبيني
بيني وبين فضَّةِ الرُّوح
بيني وبين الزَّهرةِ الخضراء

دَخَلْنا أغاني الجسد من الأرائك
دَخَلْناها شجرةً شجرة
شهقةً شهقة
أيّ صدًى باهتٍ هذا ؟!
أيّ رغبةٍ والظِّلُّ يتبعُني ؟!

سأطردُ الطَّيرَ من مطرِ القصيدة
سأزرعُ جمرةَ الرُّوح
سأزرَعُها لتنهبَ الأرضُ حصتَها من الينبوع

تلكَ الرِّيحُ دهشُ وحشتِنا
تلكَ فاكهةُ اللَّيلِ المُدلهمَة
من سيحملُ رمادَ الغيمِ والرَّعدَ إلينا ؟!
من سيجرؤُ تحتَ سقفِ الحنين ؟!

يا سماءَ الرَّخّ :
غطّي جمرَةَ الرُّوح
غطِّها بالبرقِ حتى تجفلَ الرِّيح

هذي نوافذُ من ظِلال
تغمرُنا بفروٍ أليف
وبشتاءٍ مبلِّلٍ بالعصافير

أتهجى أنتولوجيا زهرةِ المرجان
البحرُ زبدٌ تأكلهُ الطَّحالب
رطبًا في سريرِ السَّمندل
صرتُ أقفز
تارةً أشمِّسُ الكلماتِ
وتارةً أستغيثُ
 

فلا أجِد لساني !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق